Ads 468x60px

Recent Post

Recent Comment

بحث هذه المدونة الإلكترونية

Turkey Video

الخميس، 19 أبريل 2012

سميح وبشير وغريب


نحن الذين يموت أفضلنا، ليحيا الآخرون «

بيت شعر بقى فى الذاكرة طويلا لشاعر تركيا الكبير ناظم
حكمت، ولعل سر بقائه هو صموده ليس لامتحان الزمن وحده،
ك لم يكن مجرد  ذى يكشف لنا أن
ا مطلب ساطع ينبغى أن تشخَص له الأبصار  بيت شعر، وإنم
وتخشع الضمائر، وتتحرك على هديه إرادات من بقوا على قيد
الحياة بفضل شهادة الراحلين، لعل نزيف البشر الأفضل بيننا
يتوقف، ولعل تستقيم الحياة، فرب الحياة لم يخلقها معوجة،
بينما نحن هاهنا قد طال بنا الأعوجاج، فنهر استشهاد أفضل من
فينا لايزال يتدفق ويفيض، دون أن نرى للحياة اعتدالا حقيقيا.
فإلى متى؟
منذ أيام قرأت ضمن متابعات كارثة حريق شركة النصر للبترول
بالسويس عن الشقيقين بشير وغريب اللذين اجترحا مأثرة ملفتة
وهما يستبسلان فى إطفاء نيران الشركة التى يعملان بها، وفى
قصة استشهادهما معانٍ للأصالة والنبل والشجاعة تقطع بأن
الشعب الذى يضم بين جوانحه مثل هذين الشقيقين، جدير بأن
يتسنم موقعا أرقى وأفضل مما هو فيه بكثير، فلطالما استمرأ
بعضنا مقولة أننا شعب يفتقد فضيلة الانتماء، ويحاجج على
اليابان التى تستطيع أن « ذلك بمثال مناقض مما جاء فى كتاب
لمؤلفيه: إيشاهارا الذى كان أحد وزراء النقل السابقين » تقول لا
وأكيو موريتا أحد مؤسسى شركة سونى، فيذكرون قصة العاملة
البسيطة التى شغلت نفسها بما يثار عن عيب فى انتاج مصنع
الرقائق الإلكترونية الذى تعمل به، وقد فشلت إدارة المصنع فى
الوصول إلى سبب حدوث هذه الشائبة بعد مراجعة كل مراحل
التجهيز والتصنيع لهذه الرقائق، ولأن العاملة اليابانية الصغيرة
كانت لا تكف عن التفكير فى مشكلة مصنعها، فقد لاحظت أن
هناك قطارا يمر بالقرب من المصنع، وأن اهتزازات الأرض التى
يسببها مرور القطار ربما تكون سبب العيب الذى يتحدثون عنه،
ونقلت العاملة ملاحظتها لإدارة المصنع التى تعاملت مع الملاحظة
بجدية، وبعد البحث والتدقيق العلميين، ثبت أن اهتزازات مرور

على رحيل بشير، حدث الحريق الثانى فى الشركة نفسها التى يعمل
الشقيق الأصغر لبشير، ولم يدفعه موت شقيقه للفرار » غريب « بها
من النيران وهو أب لطفلين توءم وفتاة فى الصف الثالث الإعدادى،
بل اندفع بالحمية ذاتها ليساعد فى إطفاء النيران وينقذ ما يمكن
إنقاذه، ولقى وجه ربه شهيدا نبيلا كما شقيقه.
فى الشروق، تشبثت » سيد نون « هذه القصة التى كتبها الزميل
بذاكرتى وأرعشت عواطفى بشدة، وبينما أنا فى هذه الحالة من
الانفعال أتانى خبر مروع عن استشهاد الكيميائى الشاب محمد
أحمد سميح بطريقة مماثلة لاستشهاد بشير وغريب، ومحمد هو
الابن الأكبر للصديق والزميل العزيز الدكتور أحمد سميح، ولست
أكتب عن محمد لمجرد أنه ابن زميل وصديق، بل لأنه حالة دالة
على المفارقات الفاجعة فيما نحياه، حيث يموت ويضيع أفضلنا
لات المجرمين بجرمهم وتستمر بالفعل، ليتواصل مسلسل إف
الكوارث، من غرق عبارة ممدوح إسماعيل، وحتى حريق مصنع
ذى التهم الشاب محمد سميح وشق قلب الترا اكستراكت
أبويه وأسرته، وقلوب كل من عرف محمد وهذه الأسرة الطيبة.
فى قصة الشهيد محمد سميح ملامح عديدة تلخص بشاعة
المفارقات التى أهلكت ولا تزال تهلك مصر، أبوه وأمه من الأطباء
ممن كدحوا لربهم كدحا، لم يتربحا من مهنتهما الإنسانية، وتغربا
ليستعينا على أعباء الحياة بما يكفل لهم ولأولادهم عيشا كريما
دوا أياديهم فى جيوب المرضى الفقراء،
وكانت الغربة فى ليبيا القذافى عذابا مؤكدا للطبيب الأب الذى
أعرف فيه واحدا من أطيب وألطف خلق الله وأكثرهم اعتدالا
ومزجا ما بين فضائل الإيمان الدينى وشرف الموقف السياسى
الدنيوى، لكن عارضا صحيا أصاب الزوجة الطبيبة واحتياجات
ى الجامعة حتمت عليه أن يصبر على الغربة،
وعندما احتدمت الثورة الليبية وبدأ أبناء القذافى يحرضون على
المصريين، تطوع طبيب ليبى ممن يحبون الدكتور أحمد ويقدرون
فضائله، بإخراجه فى مخاطرة حقيقية من دائرة النار سالما إلى
مصر.
كان محمد أكبر أبناء الدكتور أحمد سميح قد تخرج فى قسم
الكيمياء فى كلية علوم المنصورة، وفى الوقت ذاته كان أحد شباب
الثورة الذين واجهوا فساد واستبداد نظام مبارك فى أوج غطرسته
وجبروته، ثم كان من المرابطين فى ساحات الثورة المجيدة، وظل
الترا « ومحاولات لقتلها، كما ظل متفانيا فى أداء عمله بمصنع
لمعالجة المياه الناتجة من حفر آبار النفط والغاز، وهو » اكستراكت
مصنع قطاع خاص وجد به محمد فرصة عمل رضى بها برغم
كل مثالبها، لأنه كان حييا وحساسا كما كل ابن بارٍ يريد تخفيف
العبء عن أهله، وهى الحساسية النبيلة نفسها التى دفعته لأن
يكون فى الصفوف الأولى مع شباب الثورة.
لقد اطلعت على بعض مجريات ما حدث فى هذا المصنع وهالنى

0 التعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة